الشيخ محمد بن عبد الوهاب
(رحمه الله )
طلبه للعلم:
ينحدر
محمد بن عبد الوهّاب من أسرة علمية شهيرة، فأبوه عبد الوهّاب بن سليمان كان من الفقهاء
وقاضيا في العارض وجده سليمان بن علي كان عالما وقاضيا وموثقا شرعيا تولى القضاء وعمه
الشيخ إبراهيم وهو ممن تخرج بأبيه وكان يتردد على ما حول العينية للإفتاء والتوثيق
وتولى القضاء في بلدة أشيقر. حفظ محمد بن عبد الوهّاب القرآن الكريم ولم يتجاوز سنه
عشرة أعوام وشرع في طلب العلم فقرأ على والده وعمه وتخرج بهما في الفقه وغيره وكان
سريع الحفظ والكتابة قوي الإدراك كثير المطالعة شغوفا بها ولاسيما في كتب التفسير والحديث
وكلام العلماء في أصل الإسلام. ثم رحل إلى عدد من الأمصار لطلب العلم والحديث والتففه
في الدين فرحل إلى الحجاز وتهامة والبصرة والزبير والأحساء وقرأ على جملة من علمائها،
وتحصل على إجازات في الحديث وغيره.
رحل محمد بن عبد الوهّاب في طلب العلم إلى مكة والمدينة والبصرة غير مرة.
ولم يتمكن من الرحلة إلى الشام ثم عاد إلى نجد يدعو الناس إلى التوحيد. ولم يثبت أن
محمد بن عبد الوهّاب قد تجاوز الحجاز وتهامة والعراق والأحساء في طلب العلم. فتفقه
على المذهب الحنبلي وتلقاه على يد والده بإسناد متصل ينتهي إلى الإمام أحمد بن حنبل.
كما تلقى علم الحديث النبوي ومروياته الحديثية لجميع كتب السنة كالصحاح والسنن والمسانيد
وكتب اللغة والتوحيد وغيرها من العلوم عن شيخيه: العلامة عبد الله الفرضي الحنبلي والمحدث
محمد حياة السندي وأسانيدهما مشهورة معلومة.
ولقد
كان لعدد من العلماء السلفيين دور في تشكيل وبناء فكر محمد بن عبد الوهّاب ومنهم الشيخ
محمد المجموعي وبعض علماء العراق الآخرين وقد هاجم الشيخ محمد بن عبد الوهّاب ما رآه
من المعاصي هناك وعاد غاضباً. ومن علماء الإحساء كان للشيخ ابن عبد اللطيف وهو أحد
علماء الأحساء الحنابلة دور في بناء فكر محمد بن عبد الوهّاب الديني. وقد تدارس الشيخ
كتب الشيخين ابن تيمية وابن القيم مما كان له الأثر في انطلاق فكره وحرية آرائه واجتهاده.
ما قيل
من أنه سافر إلى الشام كما ذكره خير الدين الزركلي في الأعلام وإلى فارس وإيران وقم
وأصفهان كما يذكره بعض المستشرقين ونحوهم في مؤلفاتهم فهذه الأشياء غير مقبولة لأن
حفيده عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ وابنه عبد اللطيف وابن بشر نصوا على أن محمد بن عبد
الوهّاب لم يتمكن من السفر إلى الشام أما ما يذكر من أنه سافر إلى فارس وغيرها من البلاد
فإن أغلبهم قد اعتمدوا على كتاب لمع الشهاب لمؤلف مجهول. قال حمد الجاسر:
«ولا
تفوت الإشارة إلى أن كثيراً ممن كتبوا عن محمد انخدعوا بما جاء في كتاب لمع الشهاب...
إلى أن قال: وهذا الكتاب الذي لا يصح التعويل عليه.»
وبالإجمال؛
فقد حرص مترجمو محمد بن عبد الوهّاب على تدوين كل ما يتصل برحلاته وبأسماء العلماء
الذين تلقى العلم عنهم. وبذكر البلاد التي زارها ويكادون يتفقون على عدم صحة ما ورد
في كتاب لمع الشهاب ومن ذلك ما زعم أنه درس اللغتين الفارسية
والتركية والحكمة الإشراقية والفلسفة والتصوف ولبس جبة خضراء في أصفهان فليس بثابت
بل إنه أمر مستبعد إذ ليس في مؤلفاته وآثاره ما يدل على شيء من هذا ثم إن من ذكر ذلك
عنه كان ممن انخدع بمثل كتاب لمع الشهاب وبعد مضي سنوات على رحلته عاد إلى بلدة حريملاء
التي انتقل إليها والده بعد أن تعين على العينية أمير جديد يلقب عثمان بن حمد بن معمر
والذي لم يرق له بقاء عبد الوهّاب في القضاء فعزله عنه فغادرها عبد الوهّاب إلى حريملاء
وأقام بها وتولى قضاءها. فأقام محمد في حريملاء مع أبيه يدرس علمه.
دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في حريملاء:
بدأت
أولى إرهاصات الدعوة في حريملاء؛ ليتمثَّل محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله- خطى رسول
الله صلى الله عليه وسلم؛ فقد بدأ أوَّلاً بدعوة عشيرته الأقربين، ثم دعوة قومه، فأجلى
لهم حقيقة التوحيد الخالص لله عز وجل؛ إذ لا يُدعى إلاَّ الله وحده لا شريك له، ولا
يُذبح ولا يُنذر إلاَّ له، وأن عقيدتهم في تلك القبور والأحجار والأشجار -من الاستغاثة
بها، وصرف النذور إليها، واعتقاد النفع والضرِّ منها- ضلالٌ وبهتان.
واستمرَّ
الشيخ محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله- يُدافع عن دعوته، فينشرها بين الناس بالحكمة
والموعظة، متخذًا كتاب الله سبحانه وتعالى وسُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم منهاجًا
ودليلاً؛ حتى أصبح الأمر مثار نقاش وجدال بينه وبين والده وأخيه سليمان، الذي اقتنع
بحقيقة دعوة أخيه في أواخر حياة الشيخ كما سيأتي بيانه.
وكان
أهل حريملاء قبيلتين، أصلهما قبيلة واحدة، كلٌّ منهما يدعي لنفسه القوة والغلبة والكلمة
العليا، ولم يكن لهم رئيس واحد يجمعهم تحت كلمته، وقد كان في البلد عبيد لإحدى القبيلتين،
كثُر تعدِّيهم وفسقهم، فأراد الشيخ محمد بن عبد الوهاب-رحمه الله- أن يمنعهم من الفساد،
وينفِّذ ما أنزله الله عز وجل في كتابه، فهمَّ العبيد أن يفتكوا بالشيخ، ويقتلوه سرًّا
بالليل، فلما تسوَّروا الجدار علم بهم الناس فصاحوا بهم فهربوا.
مكث
الشيخ محمد بن عبد الوهاب-رحمه الله- في حريملاء تلك السنين يدعو الناس في ثبات وصبر،
وقد أنتج فيها كتابه الشهير (التوحيد) ، ثم قرَّر ابن عبد الوهاب –رحمه الله- أن ينتقل
إلى العينية حينما أيقن أن بقاءه في حريملاء لم يَعُدْ يُجدي نفعًا، وكان ذلك في بدايات
عام (1157هـ).
محمد
بن عبدالوهاب في العينية :
انتقل
الشيخ محمد بن عبد الوهاب-رحمه الله- إلى مسقط رأسه العينية؛ حيث كان حاكمها وقتئذٍ
عثمان بن حمد بن معمر، وقد تلقَّى ابن معمر الإمام بكل إجلال وإكرام، ثم ما لبث الشيخ
أن شرح له حقيقة دعوته القائمة على دعائم الكتاب والسُّنَّة المطهَّرة، وأن غايته من
هذه الدعوة تعليم الناس أصول دينهم على دعائم التوحيد، ونبذ الشرك والقضاء على مظاهره،
وبشَّرَه بالسداد والتوفيق وزعامة نجد إن نصر كلمة التوحيد وأعلاها.
قَبِلَ
عثمان بن معمر أن يكون أحد رجالات الدعوة، وقد تسنَّى للشيخ أن يدعو إلى إفراد العبادة
لله دون قيد أو شرط، وضرورة التمسُّك بسُنَّة
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمرهم بالمعروف ونهاهم عن المنكر، وفي تلك الأثناء
تزوج الشيخ الجوهرة بنت عبد الله بن معمر.
بين
الشيخ محمد بن عبدالوهاب وابن معمر
كان
الشيخ محمد بن عبد الوهاب-رحمه الله- يرى أن أحد الأسباب القوية لنجاح الدعوة يكمن
في توحُّد بلاد نجد تحت قيادة واحدة، وكان يعرف جيدًا أنه ليس من السهل نشر الدعوة
في البلاد القاصية والدانئة في مدة قصيرة إلا بحماية أمير ذي قوة ونفوذ، فلا يخفى على
ذوي العقول والألباب أن القوة المادية لها أهمية عظيمة في نشر الدعوات والأفكار مع
القوة المعنوية والحجج والبراهين؛ لأن أي دعوة إذا لم تكن لديها من القوة ما يحميها
ويذود عنها، سرعان ما تتكالب عليها قوى الشرِّ والطغيان حتى تستأصل خضيراءها؛ ومن ثَمَّ
استعان الشيخ بابن معمر الذي أعانه في هذا الجانب.
إحياء الصلوات مع الجماعة:
وأمر
ابن عبد الوهاب –رحمه الله- عثمان بن معمر بإحياء الصلوات مع الجماعة وعُيِّنت عقوبات
للمتخلِّفين، وكان الأمراء يأخذون أنواعًا من الضرائب والرسوم فرفعها الشيخ ونفَّذ
الزكاة فقط، وفي العينية بدأ الشيخ يؤلِّف رسائل الدعوة المتسلسلة التي استمرَّت إلى
وفاته، وصار له بعض الأنصار في الدرعية فكان يُرشدهم ويُوَجِّههم من العينية.
تزامن
ذلك مع انتشار خبر قطع الأشجار المعظَّمَة، وهَدْم قبة زيد بن الخطاب رضي الله عنه،
ورجم المرأة الزانية بسرعة كبيرة بين أهالي نجد، وظنَّ الكثير من أهلها -نتيجة ضعف
إيمانهم وسوء عقيدتهم- أن الإمام ومَنْ عاونه في عملية الهدم والقطع لا بُدَّ أن يُصابوا
بمكروه جرَّاء فعلتهم هذه!
وانتظر
العامة -لجهلهم- ليروا مصير الإمام، عسى أن يُصيبه مكروه نتيجة هدمه للقباب والأشجار
المقدسة! لكنَّ الله بدَّد أوهامهم؛ فتسارعوا يُقْبِلُون على الدعوة جماعات وأفرادًا،
وكانوا عونًا للشيخ على نشرها بكل حبٍّ وإخلاص.
وقد
حرص رحمه الله أن يُزيل كل ما كان في البلاد الخاضعة لابن معمر من المشاهد والأوثان
والقباب، وقطع ما كان فيها من الأشجار المقدَّسة.
الأمير
محمد بن سعود مؤيدا لدعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب:
وكان
للأمير محمد بن سعود أخوان هما ثنيان ومشاري، وزوجة هي موضي بنت أبي وهطان كانت –رحمها
الله- لبيبة عاقلة متديِّنَة، وقد اقتنعوا جميعًا بما كان يدعو إليه الإمام، فذهب أخواه
إليه، وقالا له: "... إن هذا الرجل غنيمة ساقه الله إليك، فاغتنم ما خصَّك الله
به.
ورغَّبوه
في زيارة الإمام، وكان ابن سعود معروفًا قبل ذلك بأخلاقه النبيلة، واستعداده لقبول
الحقِّ؛ ولذلك "قام من فوره مسرعًا إليه ومعه أخواه ثنيان ومشاري، فأتاه في بيت
أحمد بن سويلم، فسلَّم عليه، وأبدى له غاية الإكرام والتبجيل، وأخبره أنه يمنعه بما
يمنع به نساءه وأولاده، فأخبره الإمام بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وما
دعا إليه، وما كان عليه صحابته –رضي الله عنهم- من بعده، وما أمروا به وما نهوا عنه،
وأنَّ كلَّ بدعة ضلالة، وما أعزَّهم الله به بالجهاد في سبيل الله وأغناهم به، وجعلهم
إخوانًا...فلمَّا تحقَّق الأمير محمد بن سعود معرفةَ التوحيد، وعَلِمَ ما فيه من المصالح
الدينيَّة والدنيويَّة، قال له: يا شيخ، إنَّ هذا دين الله ورسوله الذي لا شكَّ فيه،
فأبشر بالنُّصرة لك ولما أمرتَ به، والجهاد لمن خالف التوحيد.
عند
ذلك شرح الله صدر الأمير محمد بن سعود، واقتنع بما دعاه إليه الشيخ وبشَّر الأميرُ
الإمامَ بالنصرة وبالوقوف معه على مَنْ خالفه، لكنَّ الأمير اشترط قبل المبايعة شرطين؛
أوَّلهما: أن لا يرجع الإمام عنه إن نصرهم الله ومكَّنهم. وثانيهما: أن لا يمنع الأمير
من الخراج الذي ضربه على أهل الدرعية وقت الثمار.
وقد
ردَّ الإمام ردًّا بليغًا إذ قال: "أمَّا الأولى: الدم بالدم، والهدم بالهدم.
وأمَّا الثانية: فلعلَّ الله يفتح عليك الفتوحات، فيعوِّضك الله من الغنائم ما هو خير
منها".
فبايع
محمد بن سعود الإمام محمد بن عبد الوهاب على الدعوة إلى الله، والجهاد في سبيل الله،
والتمسُّك بسُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
وإقامة الشريعة بين الناس.
وبعد
البيعة مكث ابن عبد الوهاب –رحمه الله- عامين كاملين يُناصح الناس، ويرشدهم إلى سبيل
الحقِّ، وفي خلالهما تسلَّل إليه أنصاره من العينية، منهم: عبد الله بن محسن، وأخواه
زيد وسلطان آل معمر، وعبد الله بن غنام وأخوه موسى، وقد هاجر معهم عدد كثير من رؤساء
آل معمر المخالفين لعثمان بن معمر في العينية، ثم أتت إليه الوفود من كافَّة أرجاء
نجد؛ حيث شرح الله صدرها للتوحيد والإيمان الخالص له عز وجل.
ومن
أشهر الذين عاونوه وناصروه من أهل الدرعية وأمرائها: ثنيان بن سعود، ومشاري بن سعود،
وفرحان بن سعود، والشيخ أحمد بن سويلم، والشيخ عيسى بن قاسم، ومحمد الحزيمي، وعبد الله
بن دغيثر، وسليمان الوشيقري، وحمد بن حسين وأخوه محمد، وغيرهم كثير، وقد وصف فلبي هؤلاء
بقوله: "هؤلاء هم فرسان الوهابية البواسل، وتُذكر أسماؤهم باحترام، وأولادهم يعتبرون
جديرين بكل تكريم واحترام في القصر الملكي".
الدرعية
عاصمة الدعوة:
وكانت
الحالة الاقتصادية حينئذ في الدرعية لا تقوى على القيام بمؤن أولئك الوافدين الطالبين،
فكان بعضهم - من شغفه وحُبِّه للعلم - يعمل بالليل بالأجرة، وفي النهار يحضر الدروس
إلى أن وسَّع الله عليهم.
لقد
فتح الله على الدرعية بسبب احتضانها للدعوة؛ فقد أحدث وجود الشيخ انقلابًا جذريًّا
في حياة سكانها ومعتقداتهم؛ فأصبحت هذه البلدة المركز الرئيس للدعوة، واسْتُبْدِلَ
نظام الحكم العشائري فيها بحكم إسلامي يستمدُّ شرائعه من تعاليم القرآن وسُنَّة الرسول
صلى الله عليه وسلم، وأُبطلت الضريبة التي كان يدفعها السكان للأمير، وحَلَّتِ الزكاة
مكانها، وساد الأمن والاستقرار بدلاً من الفوضى، ونشطت حركة التعليم نشاطًا عظيمًا،
فكان الشيخ يتولَّى التدريس، ويُشرف شخصيًّا على المدرِّسِين، ويُحارب الأُمِّيَّة،
ويُلزم كل فرد من أنصاره بتعلُّم القراءة والكتابة مهما كانت سِنُّه، أو عَلَتْ منزلته،
ويحمل الناس على تنفيذ أوامر الدين ونواهيه بدقَّة، كما حلَّ الجهادُ في سبيل الله
مكان الغارات والغزوات العشائريَّة المدمِّرَة، واقْتُلِعَتْ من أذهان الناس وعواطفهم
عادات وتقاليد وثنية مزمنة، وغُرست مكانها المعتقدات الإسلاميَّة الصحيحة بنقاوتها
وطهارتها الأُولَى، وقد أصبحت هذه البلدة تحاكي المجتمع الإسلامي الأوَّل الذي بناه
النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته في المدينة بعد هجرتهم إليها.
أخلاق
الإمام محمد بن عبدالوهاب وعبادته:
كان
الشيخ محمد بن عبد الوهاب يُحيي غالب الليل قائمًا: يُصَلِّي ويتهجَّد ويقرأ القرآن،
وكان من دأبه التأنِّي والتثبُّت في تنفيذ الأحكام، لا يُمِيلُه الهوى عن الشرع، ولا
تصدُّه عداوة عن الحقِّ، بل يحكم بما ترجَّح له وجه الصواب فيه، فإن وجد نصًّا في كتاب
الله أو سنة نبيه التزمه ولم يعدل عنه؛ وإلا رجع إلى كتب الأئمة الأربعة، وأخذ نفسه
بدقَّة المراجعة والتحقيق للنصِّ.
وقد
فتح الله على المؤمنين؛ إذ امتدَّت راية الدعوة السلفية إلى الحجاز وعسير وشمال الجزيرة
واليمن؛ وقد كان من أبرز الملبيين للدعوة والمؤيدين لها عالم صنعاء المجتهد الإمام
محمد بن إسماعيل الصنعاني (ت 1182هـ)، الذي كان يظنُّ أنه الوحيد في ميدان الدعوة في
الجزيرة العربية.
ومع
ما أفاض الله على بيت المال من الأموال الكثيرة، فقد كان الإمام زاهدًا متعفِّفًا؛
لا يأكل إلا بالمعروف، وكان سمحًا جوادًا لا يردُّ سائلاً، فلم يخلِّف شيئًا من المال
يُوَزَّع بين ورثته، بل كان عليه دَيْن كبير يرجع لمساعدته لطلاب العلم، فقد
"كان الشيخ –رحمه الله- لما هاجر إليه المهاجرون تحمَّل الدَّيْن الكثير في ذمته
لمؤنتهم وما يحتاجون إليه وفي حوائج الناس، وجوائز الوفد إليه من أهل البلدان والبوادي،
وذكر أنه حين فتح الرياض كان في ذمته أربعون ألف نجدية قضاها من غنائمها
وفاة
الإمام محمد بن عبدالوهاب
بعد
جهاد طويل وصراع مرير بين الحقِّ والباطل شاء الله عز وجل أن يتوفى الإمام محمد بن
عبد الوهاب –رحمه الله- في يوم الاثنين آخر شهر شوال عام (1206هـ)، وله من العمر نحو
92 عامًا، قضى منها ما يزيد على خمسين عامًا في الدعوة والتوجيه والإرشاد؛ فرحمه الله
رحمة واسعة، وأدخله جنَّاته، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، كفاء ما أحيا
من شرع الله سبحانه وتعالى، وجدَّد من سُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق