اللقاء بين سحرة فرعون وموسى
عليه السلام:
أيد الله تعالى نبوة موسى بتسع آيات ، و كانت
تلك الآيات إضافة إلى العصا و اليد هي نقص الثمرات بسبب الجوائح و العاهات ، و الطوفان
بطغيان النيل ، و الجراد الذي أكل الأرض ، و القمل و الضفادع ، و الدم الذي استحال
ماء مصر دماً ، و الطمس على أموالهم ، و فبق البحر و انحباس الماء من الحجر ,و قد جاء
وصف تلك الآيات و الدلائل بسورة الأعراف بما يلي
ولقد أخذنا ءال فرعون بالسنين ونقص من الثمرات
لعلهم يذكرون ( 130 ) فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى
ومن معه الا إنما طائرهم عند الله ولكن أكثرهم لا يعلمون ( 131 ) وقالوا مهما تأتنا
به من ءاية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين ( 132 ) فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد
والقمل والضفادع والدم آيات مفصلت فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين ( 133 ) ,لكن و بالرغم
من المعجزات المتتالية و القطعية هذه ، فإن فرعون و قومه قد تمادوا في تكذيب موسى و
وصفوه بأنه ساحر و أن هذا الساحر يريد أن يخرجهم من أرضهم ، و رأوا بأن من الإمكان
إبطال سحره عن طريق جمع كل سحرة مصر ليأتوا بمثل الذي أتى به موسى ,أرسل فرعون لذلك
في مدائن مصر ليأتي بكل السحرة ، و مما يجدر ذكره أن قد كان للسحر مكانة عظيمة في مصر
حينها ، ، فجاء الجمهور العظيم من السحرة و طلبوا من فرعون الأجر على ذلك ، فوعدهم
بأجر جزيل إن تغلبوا على موسى ، و قد جاءت الآيات الكريمة تصف ما يلي في سورة طه فَلَنَأْتِيَنَّكَ
بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ
وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى (58)
قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ
يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59) ,بدأ التحدي بين موسى و السحرة ، فألقى السحرة
جميعهم عصيهم و حبالهم ، و قد كانت ممتلئة بالزئبق ، فامتلأ المكان حيات و ثعابين ،
و خيل من سحرهم إلى موسى أنها تسعى ، فابتهج بذلك فرعون و جنوده ظناً منهم أنهم قد
نجحوا ، و في تلك اللحظة ، أمر الله نبيه موسى أن يلقي عصاه ، و ما إن ألقاها تحولت
إلى حية تسعى و تتلقف حيات السحرة و تأكلها بسرعة ,دهش بذلك فرعون و وقومه و علموا
ان سحرهم لا يفعل مثل ذلك ، و أن ما جاء به موسى كان بقدرة من ربه ، فخر السحرة ساجدين
لله تعالى و آمنوا برب موسى و هارون ، مفضلين ذلك على فرعون و أجره ,غضب فرعون بذلك
غضباً شديداً ، ، قائلاً للسحرة بأنهم قد اتفقوا مع موسى على ذلك ، و أن موسى هو كبيرهم
الذي قام بتعليمهم السحر ، و جاء وصف ذلك في الآيات الكريمة التالية من سورة طه قَالَ
آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ۖ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ
السِّحْرَ ۖ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ
فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وأبقى (71)
قَالُوا لَنْ نؤرثك على مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ
وَالَّذِي فَطَرَنَا ۖ فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ ۖ إِنَّمَا تَقْضِي هذه الْحَيَاةَ
الدُّنْيَا (72)
إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا
خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ ۗ وَاللَّهُ خَيْرٌ وأبقى
(73)
إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ
لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يحيى (74)
وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ
فأولئك لَهُمُ الدَّرَجَاتُ العلى (75)
جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وذلك جَزَاءُ مَنْ تتزكى (76) و بذلك ، انقلبت المباراة
بين فرعون و موسى و السحرة ، نصراً للحق و هزيمة لفرعون و أصحاب الكفر و الضلال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق